نبذة
سليم النفّار (60 عاماً) من مدينة غزة، وهو شاعر، وتعود أصوله إلى مدينة يافا، ولد في 27 آب/ أغسطس 1963 في مخيم الشاطئ في مدينة غزة وانتقل للعيش في الأردن إثر ابعاد الاحتلال الإسرائيلي لوالده عام 1968، ثم إلى مخيم الرمل بالقرب من مدينة اللاذقية في سورية بعد أحداث أيلول/سبتمبر 1970. استشهد والده في لبنان عام 1973، وتلقى تعليمه المدرسي والجامعي في مدينة اللاذقية، ودرس الأدب العربي في جامعة تشرين بسورية. خلال دراسته الجامعية شكلَّ ملتقى "أبو سلمى" السنوي للمبدعين الشباب سنة 1986، وعُرف بنشاطه السياسي في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية حتى عودته إلى غزة مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994.
عمل النفّار مديراً في زارة الثقافة الفلسطينية، ومحرراً أدبياً لعدد من المجلات، منها: "نضال الشعب" و"الزيتونة" و"الأفق". وأسس جماعة "الإبداع الثقافي" في غزة.
ظروف الاستشهاد
استشهد سليم النفّار برفقة زوجته وبناته وابنه الوحيد مصطفى، بالإضافة إلى شقيقه سليم وأخته وزوجها وأولادها، بعد تعرض البناية السكنية التي لجأوا إليها في حي النصر بمدينة غزة إلى قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2023.
مختارات شعرية
من قصيدة بعنوان «لماذا تذهبين الآن؟» يعاتب أمه المتوفاة:
«وحيدا
أعاني ندوبا على سطحِ حلمي
أُعرّيْ جروحي لملحِ الليالي
أُضيء الوقتَ في شمسنا الخافتةْ
لعلَّ الحبَّ يُسعفنا
لعلَّ الشعر ينقذنا
في انفضاض القافلةْ
وحيدا
تركتِ الفتى في الليالي الباردة»
ومن قصيدة «شهيد» نقتطف:
«من شقوقٍ في جدارِ الحكايةْ؛
ضوؤهُ صاعدٌ،
لم يُهادن عتمة عابرةْ.
أترعَ القلبَ بشمسٍ؛
هنا لا تُقايضْ حلمها، ببقايا الغبارْ
صارخا كان انفجارُ الحنينْ
عارفا دربهُ
لم يُغيِّرْ عزفهُ ذاكَ القديمْ»
وفي قصيدة «ما لم يقُله طالعُ الأشياء» يقول:
«يا أيُّها الوطنُ المُشتتُ في الصَّغَارْ
ما حانَ أن تعلو،
ويُعليكَ النَّهارْ؟!
إنَّا مللنا القهرَ،
على دوامِ الانكسارْ
فانفضْ رداءَ الذلِّ،
لو ضاقتْ قفارْ
أنتَ الذي أعطيتَ معنى في بطولاتٍ،
على رحبِ المدارْ»
ويخاطب أباه في قصيدة «هُزَّها يا أبي»:
«هُزَّها يا أبيْ
من فسادِ البلاغةْ
وحرّرْ ثغورَ الغمامْ
من بروقٍ عجافْ
ليسَ ليْ نزفها في خبيصِ الدّوالْ
ليسَ ليْ غيرُ وردٍ
حرونٍ يُجافي الهباءْ»
ولغزة كل الحب والفخار والمجد، يقول:
«ولدٌ يتمنطقُ بالتاريخْ
لمْ يقرأهُ كثيرا، لكنّهُ يدرك فاصلة الوقتِ
حينما تعوي كلُّ ذئابِ الشّرِّ
يرشقُ وهجهُ في صدر الريح، تُضيءُ قناديلَ شموخْ
غزة
لونُ اللوحاتِ الناقص في فنِّ التشكيلِ العصريِّ
إيقاعُ الشعر الغاضبْ
لا يشبه قول العربي الغائبْ
فجرٌ مغسولٌ،
مكفولٌ بدم الشّهداءْ
فتعلّمْ يا زمن الرّدةْ
كيفَ تصوغُ الوقتَ؛ بحدِّ الناّرِ وأشرعةِ العزّةْ
هذا زمنٌ لا يشبهكمْ
فلتخلوا كلَّ مقاعدكمْ
إنَّها غزة
بجدارةِ الرّعدِ والوعد تُعلي جدارتها»
مختارات نثرية
في نص «مُرافعة عن الحياة» يخاطب صديقه الشاعر منذر مصري:
«ضجرنا يا منذر من رداءتنا، ومن أحلامنا الكبيرة، فهلْ من متسعٍ صغير للحياة؟
الحياة البسيطة، كما عاشتها جداتنا في ساحل البلاد الممتدّ، بعضُ أشياء صغيرة، وكرامة لا يفتقدها الطامحون.. لا نريد دولا يقودها الجنرالات العتيدة، قساةٌ علينا، صغارٌ في حضرة أربابهم.
ضجرنا يا صديقي من لوثة الحداثة الفرنسية والأمريكية والروسية.. نريد أصالتنا، صبحنا العتيق؛ فهلْ يأتي من غياهب هذا الجنون؟»
وفي نص بعنوان «ثمة طريق» يقول:
«هلْ أدركتَ ما مضى، أيّها الفتى الموَّزعُ في صفحات التاريخ:
واحدةٌ صفراءَ كلون الصّبح، المُغبرّ بريح الحكام الفاشلين، واحدةٌ حمراءَ كلون الدَّمِ، المسفوحِ على جنباتِ القضايا الخاسرة، من قُضاتها الفاسدين، الغارقينَ بتأويل الخسارة واحدةٌ بلا لونٍ، يكتبها الطغاةُ كيفما شاءوا، مُبرّرين سطوتهم على الآخرين، لاحتكار الفرح على طريقتهم، يخفونه في أزقتهم البعيدة.
هلْ أدركتَ أيّها الفتى أنْ لا صفحةَ لكَ، غير ما يخُطه مداد قلبكَ أنتَ؟
لا تكترث بكلِّ ما يُثارُ حولكَ، حصّن قلاعكَ، أعلي شراعكَ، بحبٍّ لا ينكسر، فإنَّه دربك الوحيد للحفاظ على الحياة، حياتك أنتَ، لا حياتهم».