تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

نبذة 

هي كاتبة وروائية من مدينة غزة، وحاصلة على شهادة الهندسة المعمارية من الجامعة الإسلامية في غزة عام 2003.

عملت في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة بقسم المهن الهندسية حيث أسست برنامج الحرف اليدوية، وكانت موهوبة بالأشغال اليدوية تتقن أعمال الكروشيه والتطريز والفنون الورقية وأعمال النسيج. وعلى حسابها على إنستغرام كانت تنشر بعض من الأعمال اليدوية، بالإضافة إلى نشاطها الأدبي، فقد صدرت لها رواية "فإذا هم خامِدون" في كانون الأول/ ديسمبر 2019 وكانت هي الناشرة، وقد صدّرتها بإهداء إلى أخيها "ضياء" الذي استُشهد قبل سنوات، كما نشرت ديوان شعر بعنوان "كوني عنقاء".

ظروف الاستشهاد:

استشهدت هبة المدهون مع زوجها وأطفالهما الأربعة، يوم الأحد 15 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بقصف طائرات الاحتلال للمنزل في خانيونس الذي نزحوا إليه من مدينة غزة .

 

أعمالهم وانتاجاتهم

نشرت ديوان شعر بعنوان "كوني عنقاء"، وضِمْنه هذه الأبيات التي كانت قد نشرتها على صفحتها على فيسبوك:

كما النجمات تحترق المعاني
أثبت ما استطعتُ بها جَناني
حروفي في الفضاء لها بريقٌ
كنجمِ سهيل والشعرى اليماني
كريحٍ تلتقيها في البراري
فتنسُم في هواها أقحواني
لها لحنٌ يثبّتُ ردم عمري
كصوت الصول في وتر الكمان
ولي قلبٌ كسيرٌ ذاب شوقاً
تخبّرنا القوافي ما يعاني
يئن صبابةً فتجيب روحي
على الشكوى ببحرٍ واتِّزان
ويجرحني الزمان ولا طبيبَ
سوى الإبحار جبرًا في المعاني
أنا العنقاء أولد كل حينٍ
وأجنحتي يرقّعها بياني
ويقضي الدهرُ في ناري ويخبو
فينبت من رماديَ سندياني
ويصفو القلبُ والأرزاء حبلى
فلا كَدَري يدوم ولا أساني
تزول الأرض من حولي وأبقى
أغني للدقائق والثواني
وتفنى كل نائحةٍ لحزنٍ
وأرفلُ في الخلود مدى الزمان

كتبت هبة عن الموت تحت القصف، والنزوح من البيوت، والعودة إلى الديار، وعبور الحدود:

"هل الموت مؤلم؟ أظنّه كذلك..
كان موت أمّي سريعاً فلم ألحظ ألماً على وجهها بعدما توقف قلبُها المنهك فجأة عن العمل، لكنّني رأيت الألم في وجه الحاج عبد الله عندما مات، ذلك الذي أسقطت الطائرات منزله المكون من ثلاثة طوابق على رؤوس عائلته، كان واقفاً عند مدخل بيته ينتظر خروجهم لإخلاء المنزل بسبب الغارات المكثفة للطيران على المنطقة، فجأة، رأيت جسده النحيل يطير حتى وصل إلى مدخل بيتنا واصطدم به بعنف، وجهه كان مصدوماً، وكان يتألم، خيط من الدماء يسيل من جانب رأسه وشفتاه ترتجفان، ثم إنه مات وما زالت الصدمة تحتل عينيه.
تركنا كلنا حاراتنا، لم نغلق البيوت لأننا لا نعلم هل سنحيا لندخلها ثانية أم لا، كنا نركض من الموت شرقاً ونحن نعلم أنه يحيط بنا من كل جانب، لكن الموت شرقاً كان أكثر منطقية بالنسبة لنا، حدسٌ فطري جعلنا جميعا نسلك نهج الطيور المهاجرة في العودة إلى الديار، نمضي بلا خطة تبتدعها عقولنا، مجرد حدس، وفطرة.
"أتصدق يا ولدي أن حالنا يشبه حال أهلنا عندما تركوا بيوتهم قبل سبعين عاماً.. هل تظن أننا سندخل البلاد؟"،
" ربما سنفعل يا جدة، وربما نموت جميعا هنا. لا أحد يعلم"،
مطّت شفتيها وعدّلت من منديلها الأبيض لتغطي به فمها وهي تقول.. " لقد عشتُ بما يكفي على أية حال". أشاحت بوجهها تنظر للحدود قبل أن تقول: "إلى متى سننتظر تلك الإشارة التي قلت عنها؟".
لم أجب، لأنني لا أملك الجواب..
الرمال الصفراء ما زالت تنتظر، وهناك خلف الأسلاك يختبئ الجنود بانتظار أول بادرة عنف نبديها نحوهم، وخلفنا تنهار مباني المدينة شيئاً فشيئاً مع كل غارة، فتمحو من الوجود مظهر المدينة الذي حفظناه في الذاكرة، هل سندخل الحدود؟ لا أعرف، أنا أنتظر كالآخرين..
لكن السؤال الذي يلح عليّ، هل سيكون الموت مؤلماً؟".